لصوص رمضان

لصوص رمضان

بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله{ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاْ تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأنتُمْ مُسلِمُونَ }
{ يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُم رَقِيباً }
{ يَآ أَيَّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَ قُولُواْ قَولاً سَدِيداً ، يُصلِحْ لَكُم أَعْمَالَكُم وَ يَغْفِرْ لِكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيِمَاً }
أما بعد :
ماكدت أقوى على كتابة هذا الموضوع , فقد كنت أغالط نفسي , أأوصي أتباع محمد وأحفاد الصحابة أن لا يسرق منهم رمضان وهم الذين يعرفون قيمته وقدره.. أن أوصي باغتنامه وبذل المزيد من الجهد فيه نعم.. أما أن يسرق منهم فذاك بعيد وهو كذلك بإذن الله, ولكن ما إن وقفت على استفتاء وأسئلة طرحت على فئات من المجتمع رجالاً ونساء ، موظفين وطلاباً ، عن حالهم وعن أوقاتهم في رمضان فجاءت الاعترافات التي تؤكد لنا قوله صلى الله عليه وسلم : ( بدأ غريبا ، وسيعود غريباً ) وحتى تعرف أننا لم نُخطأ حين اخترنا هذه العنوان ..
فقائل أقضي الليل أمام شاشات التلفاز أطالع القنوات الفضائية حتى طلوع الفجر مع بعض زملائي.. عذراً رمضان .
وقائل تحت أضواء الملاعب ضمن سلسلة مباريات مقامة في ليالي رمضان .. أقول عذراً رمضان ..
وقائل على موائد البلوت والورق في المجالس وعلى الأرصفة ..أقول عذراً رمضان ..
وقائل أقضي الأوقات بالتنزه في الحدائق تارة وفي الأسواق تارة .. إنا لله وإنا إليه راجعون .
ما إن وقفت على ذاك حتى وجدت بناني تخط هذه الوصية والأسى يقطع نياط القلب..
فالتفت يمنة ويسرة فوجدت أن لصوص رمضان قد أجلبوا بخيلهم ورجلهم..بل وبلغ الحد أن أغلقت قنوات قبل رمضان استعداداً وتجهيزاً لرمضان..قولوا بربكم :
ماهو موسم الفوازير.. أليس رمضان؟؟!!
ماهو موسم المسلسلات الساخرة بديننا.. أليس رمضان؟؟!!
إلى الله المشتكى مالذي جرى .. ألسنا أحفاد هؤلاء الذين يحكي لنا معلى ابن الفضل خبرهم : كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتتقبل منهم رمضان .
ولكن حينما تقرأ في كتاب الله قوله تعالى:
(قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) )
(شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا)
(ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17))
(وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119))
حين تقف مع هذه النصوص تدرك حينها مدى الهجمة التي يواجهها رمضان.. إنهم أدركوا أن قوافل التائبين تنطلق من رمضان.. إنهم أدركوا أن أمجاد الأمة في رمضان.. أدركوا أن الرقاب تعتق في رمضان..
فهل ياتراك بعد ذلك تجلس إليهم وتقع في شراكهم..إنك لتعجب والله من ذاكم الذي يتحرز كل الحرز في نهار رمضان أن يصل إلى جوفه قطرة ماء وحين تسأله ينظر إليك باستغراب نهاني الله عن الشرب في نهار رمضان.. وما إن يقبل اليل حتى تراه منهمكاً بين تلك الأوحال من قنوات هابطة ومسلسلات ماجنة ألم ينهك ربك عنها ؟
ألم يقل الله:
(وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68))
ألم يوصك نبيك صلى الله عليه وسلم بقوله:
( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )
ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام:
( من لم يدع قول الزور ) هو كل قول محرَّم أو العمل به - أي بالزور- أي كل فعل محرَّم ..
ياإخوتاه..
لنتعاهد على أن نجعل شهرنا هذا هو الفراق بيننا وبين تلك القنوات التي دمرت البيوت والأخلاق والأسر..
اللهم جنبنا الفتن ماظهر منها ومابطن.. .. وصلي اللهم وسلم على عبدك وحبيبك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..